حوار
مجموعة شركات نعمه: كيف يشكل التاريخ المستقبل؟
لم يكن ألكسندر نعمه ينتوى كتابة كتاب حين بدأ العمل على تسجيل قيم وتاريخ عائلته من خلال رحلة والده في ريادة الأعمال. لكن اتضح بسرعة أن مهمة جمع تراث عائلته ووضعه في وثائق مطبوعة كانت أكبر من مجرد عمل يهدف للحفاظ على هذا التراث.
مقابلة مع ألكسندر نعمه
لم يكن ألكسندر نعمه ينتوى كتابة كتاب حين بدأ العمل على تسجيل قيم وتاريخ عائلته من خلال رحلة والده أنطوان نعمه – مؤسس مجموعة شركات نعمه – في ريادة الأعمال. لكن اتضح بسرعة أن مهمة جمع تراث عائلته ووضعه في وثيقة مطبوعة كانت أكبر من مجرد عمل يهدف للحفاظ على هذا التراث، وإنما سبيل للتأثير في مستقبل الشركة نفسها عن طريق إلهام القادة الحاليين سواء كانوا من أفراد العائلة أم لا.
ألكسندر نعمه متخصص في تنمية الأعمال، وهو شريك وعضو مجلس إدارة في شركة عائلته (نعمه) لحلول التصنيع والتجارة الصناعية ومقرها في قطر. منذ عام 1995 نمت مجموعة نعمه وتوسعت عملياتها في قطر والمنطقة. واليوم، لدى الشركة أقسام مختلفة للحلول المتعلقة بالخدمات والإيجار والمصنوعات الخشبية وتكنولوجيا نقل الحرارة والبناء والتشييد والسيارات في شتى أنحاء الشرق الأوسط. بعد وفاة والده – أنطوان – في 2010 سعى ألكسندر لتأريخ رحلة عائلته الاستثنائية للأجيال القادمة، وقد تكلل هذا الجهد بكتاب (النعمة في الصحراء: مسيرة أنطوان نعمه).
س: كيف بدأت رحلتك للإحاطة بتاريخ شركة عائلتك؟
بدأت ببساطة حين أخذت ملحوظات من مقولات أبي واقتباسات من كلامه. من عباراته المفضلة لدي “لا أحتاج رقيبًا على عملي، إن كان ضميري هو رقيبي”. يؤكد ذلك القول على أهمية الالتزام بالأخلاقيات في العمل حتى حين لا يرانا أحد، ويعني هذا الوفاء بوعودنا واحترامها.
كان هذا الدفتر أساسًا جيدًا لمشروعنا الذي يتناول تراث أنطوان نعمه، وكان ضروريًا أيضًا لنجد الشعور الحقيقي بالغاية والمغزى. شعرت أن مشاركة قصص من ألهمونا ومقولاتهم التحفيزية هي أكثر طريق مباشر للتمسك بقيمنا الخالدة.
فالشركات – مثل البشر ـ تتغير، لكن مبادئها وأسسها التي تحدد هويتها تبقى كما هي.
كنت آمل في توثيق القصة بطريقة تعريفية وملهمة في نفس الوقت، لكن لم يكن لدي أي فكرة عن الشكل الذي يمكن أن تتخذه القصة أو مقدار الانخراط المطلوب مني في هذا العمل. وأدركت أنه لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة لبدء عمل كهذا، وقد كان هذا الإدراك حاسمًا في المراحل الأولية. فأهم شيء هو الالتزام بإتمام العمل، ولحسن الحظ نحن عنيدون بطبيعتنا.
س: كيف تمكنت من أرشفة كل المعلومات الضرورية لكتابة الكتاب؟
تجميع أكبر قدر ممكن من المادة من الماضي أمر جوهري لهذه العملية، لكنه قد يمثل تحديًا خاصةً في منطقة مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث الوقت المبذول في الكتابة أو القراءة أقل من المناطق الأخرى. فنحن حكاؤون شفهيون، ويجب أن نعمل على الحفاظ على هذا التاريخ الشفهي الذي هو سرديات يتم تمريرها من جيل لجيل. هذا عمل صعب، لكنه ممكنًا بكل تأكيد.
كان من الضروري الإجابة على المسائل الخلافية أيضًا: ما اللغة التي تجب كتابته بها؟ وما النبرة التي ستناسبه أكثر؟ ولأي درجة سنتعمق؟
وباعتباري شخص من عائلة تقدر الخصوصية، كان لازمًا أن نتفق على مستوى الإفصاح المريح لنا جميعًا. ورغم ذلك، يجب أن نعترف أننا نعيش في عصر المعلومات وأن مقدار المعلومات الموجودة في الحيز العام أكبر مما يدركه الكثيرون. في النهاية، أخذت العملية كلها نحو 18 شهرًا ونتج عنها كتاب (النعمة في الصحراء: مسيرة أنطوان نعمه) الذي يقدم عرضًا تاريخيًا لقصة شغف وإخلاص مؤسسنا ومسيرته في ريادة الأعمال.
س: اذكر لنا بعض النقاط الأساسية الأخرى التي ترغب في أن يخرج بها الناس من قراءة الكتاب.
قدرة المرء على تطبيق مبادئه في السياقات المختلفة أمر جوهري. فكل عائلة لها قواعدها وشخصيتها الخاصة بها، ويجب تمرير تلك القيم والمبادىء من جيل لآخر والتصرف على أساسها، والحرص على عدم ضياعها مع الزمن. لا بد من الحفاظ على قلب وروح الشركة من أجل الأجيال القادمة.
من أهم الأشياء التي تعلمتها أن الكلمة المكتوبة تعيش أطول من البشر. لهذا، أشجع العائلات على تدوين الحكمة التي يتشارك فيها كل أفراد العائلة شخصيًا ومهنيًا في أسرع وقت ممكن، وألا يقيدوا أنفسهم بنتيجة معينة في البداية. ابدأوا العملية فحسب.
س: كيف يمكن أن يؤثر الفهم الأفضل لتاريخ شركة أو عائلة على قوة قيادتها؟
الأمر كله يتعلق باستمرار الرحلة. يتغير المسافرون، لكن الرحلة ومسارها يجب أن يصمدا.
إن كان القادة لا يعرفون جذور الشركة، كيف يستطيعون أن يأخذوها إلى محطتها التالية؟
السياق التاريخي يمكن أن يفيد من هم في أدوار قيادية وليسوا جزءً مباشرًا من العائلة المؤسسة. فقد استفاد قادة شركتنا ممن ليسوا من أفراد العائلة كثيرًا من معرفة تاريخ مؤسسنا ومبادئه وشغفه. وتقديم شيء ملموس لهم – مثل كتاب – يساعدهم على الاستلهام والتعلم من النوادر المختلفة المتعلقة بالتغلب على التحديات والرجوع لقيمنا الجوهرية.
س: ماذا كانت أكبر مفاجأة قابلتها وأنت تكتب قصة عائلتك؟
صُدمت حين أدركت كيف كان الحنين للماضي مطمئنًا للكثيرين في مقابل غموض المستقبل. يمثل الماضي في العالم كله الاستقرار والبساطة والإنجاز والنمو. فحتى لو كان قادة الشركة في الماضي يرزحون تحت ضغوط كبيرة أو لديهم مشاعر سلبية، تبدو النتائج مع الوقت إيجابية بشكل صافٍ.
ورغم ذلك، من الضروري عند القيام بمشروع كهذا أن نتجنب أن نعتبر الماضي “أيام مجد” الشركة. وقد حاولت بدلًا من هذا أن أستفيد أقصى استفادة من تاريخ عائلتنا ليساعدنا على احتضان المستقبل٬ ويعني هذا أن ننظر للماضي بعين تطورية وأن نركز على أهمية واستدامة التحول المستمر.
س: كيف ترى تأثير الكتاب وتاريخ العائلة الذي يحتويه على تشكيل مستقبل الشركة؟
نستخدم كتابنا كأداة، فنقدمه لأي شخص يلتحق بشركتنا حتى يفهم كيف وصلنا إلى حيث نقف الآن وإلى أين نتجه والقيم التي ستأخدنا إلى هناك. الكتاب متاح أيضًا في مكتبة شركتنا لأي شخص يطلبه. فحين ينضم شخص ما لشركتنا٬ فإنه ينضم للعائلة أيضًا. لكن لكي يصبح ذلك واقعًا فعليًا يجب أن تكون هناك شفافية وسهولة في الوصول للموارد التي لدينا. قد يكون المطلوب هنا صنع توازن دقيق بين الشفافية والحذر والسرية، لكننا نعتقد أن هذه المقاربة هي التي تحقق أفضل النتائج.
س: ماذا تقول للشركات العائلية التي في المراحل المبكرة من الحفاظ على تاريخها؟
تحدثوا وسجلوا ووثقوا. من المهم تدوين المحادثات التي تتم بينكم لأنكم لن تستطيعوا الحصول عليها عندما يرحل الناس. ابحثوا عن فرص لجمع الأقارب الأكبر سنًا مثل حفلات الزفاف أو غيرها من المناسبات العائلية. كونوا مستعدين لطرح الأسئلة والانتباه جيدًا للإجابات سواء بدت هامة أم غير هامة، وتذكروا أنكم تحاولون الإمساك بحقبة كان بها أماكن وأحداث وأشخاص وانتهت.
والهدف الذي يجب أن تضعوه نصب أعينكم هو جمع مجمل الحكمة والتعلم ممن ساهموا في تشكيل التاريخ الذي تسعون للحفاظ عليه.
تحديد ما يتم استخدامه في النهاية متروك لكم، لكن من الضروري جمع أكبر قدر ممكن من المادة. الحياة قصيرة، فلا تنتظروا. عملية الأرشفة يجب أن تبدأ على الفور ويمكنكم القيام بها.
تاريخ النشر: 31-يناير-2023
ضيف
ألكسندر نعمه، شريك وعضو مجلس إدارة، نعمه
ألكسندر نعمه هو مدير وشريك من الجيل الثاني في “نعمه” وهي مجموعة أعمال عائلية متعددة الأوجه تخدم منطقة الخليج. كعضو مجلس إدارة معتمد من مؤسسة التمويل الدولية، يعمل ألكسندر أيضًا كعضو مجلس إدارة للعديد من المنظمات والشركات الأخرى. كونه مبدعاً في تطوير الأعمال، عمل ألكسندر على تأسيس العديد من المشاريع الريادية وذات التأثير ومنها arab.org، والتي تعد أكبر مجتمع من أجل الخير في العالم العربي ومرجع معترف به من قبل MENA Civil Society. يؤمن ألكسندر نعمه بأن المسؤولية الاجتماعية للشركات وخدمة المجتمع هي جزء لا يتجزأ من أي شركة سواء كانت الشركة عائلية أو غير عائلية.